السلام عليكم
اليوم نهنئ العالم الاسلامي
وعلامائنى العضام
بعيد الغدير الغر
من عدة مصادر 1
لا تَـقُـل شيـعـةٌ هُـواةُ علـيٍّ إنّ فـي كـلِّ مُنـصِـفٍ شيعيّـا هو فَخْرُ التاريخ.. لا فَخْرُ شَعـبٍ يَـدَّعيـهِ ويَـصـطفيـهِ وَلـيّـا يـا عليَّ العصـورِ هـذا بيانـي صِغْتُ فيه وَحـيَ الإمـام جَليّـا يـا أميـرَ البيـانِ هـذا وفائـي أحـمَـدُ اللهَ أن خُلِقـتُ وَفِـيّـا يا أميـرَ الإسلامِ حَسْبـيَ فَخْـراً أَنّنـي منـك مالـئٌ أصغَـرَيّـا جَلْجَل الحقُّ في المسيحيِّ حتّـى عُـدَّ مِـن فَـرْطِ حُـبِّـهِ عَلَويّـا يا سماءُ آشهدي.. ويا أرضُ قُرّي وآخشَعـي أنّنـي ذكـرتُُ عليّـا1. يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "يوم غدير خم أفضل أعياد أمتي، وهو اليوم الذي أمرني اللّه تعالى ذكره بنصب أخي علي بن أبي طالب عَلَماً لأمتي يهتدون به من بعدي، وهو اليوم الذي أكمل اللّه فيه الدين، وأتم على أمتي فيه النعمة، ورضي لهم الإسلام ديناً" 2.. يقول القاضي نجم الدين الأذرعي الشافعي، وقد ورد أن عمر بن الخطاب حين سمع قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "من كنت مولاه فعلي مولاه"، قال لعلي (عليه السلام ): "هنيئاً لك أصبحت مولى كل مومن ومومنة". 3. ويقول أبو العباس شهاب الدين القسطلاني في معنى المولى، "وقول عمر: أصبحت مولى كل مومن: أي ولي كل مومن" 4. عيد الغدير يشترك فيه كافة المسلمين بشكل عام وله خصوصية عند الشيعة بشكل خاص.. فقد عده البيروني 5 مما استعمله أهل الإسلام من الأعياد. يقول ابن طلحة الشافعي "يوم غدير خم، ذكره (أمير المؤمنين) في شعره وصار ذلك اليوم عيداً وموسماً، لكونه كان وقتاً نصه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهذه المنزلة العلية، وشرفه بها دون الناس كلهم 6، وقال 6 وكل معنى أمكن إثباته مما دل عليه لفظ المولى لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد جعله لـ علي، وهي مرتبة سامية، ومنزلة سامقة، ودرجة علية، ومكانة رفيعة، خصصه بها دون غيره، فلهذا صار ذلك اليوم يوم عيد وموسم سرور لأوليائه" .7 انتهى . ويتبين اشتراك المسلمين قاطبة في التعيد بذلك اليوم، سواء رجع الضمير في (أوليائه) إلى النبي أو الوصي (صلى الله عليهما وآلهما) أما على الأول: فواضح. وأما على الثاني: فكل المسلمين يوالون أمير المؤمنين علياً شرع، سواء في ذلك من يواليه بما هو خليفة الرسول بلا فصل ومن يراه رابع الخلفاء، فلن تجد في المسلمين من ينصب له العداء، إلا شذاذ من الخوارج مرقوا عن الدين الحنيف 8. وورد عن ابن خلكان في الوفيات التسالم على تسمية هذا اليوم عيداً, فبويع في يوم عيد غدير خم، وهو الثامن عشر من ذي الحجة سنة 487.. 9 . وقال في ترجمة المستنصر 10: (وتوفي ليلة الخميس لاثنتي عشر ليلة بقيت من ذي الحجة سنة سبع وثمانين وأربعمائة رحمه الله تعالى . قلت: وهذه الليلة هي ليلة عيد الغدير، أعني ليلة الثامن عشر من ذي الحجة، وهو غدير خم - بضم الخاء وتشديد الميم - ورأيت جماعة كثيرة يسألون عن هذه الليلة متى كانت من ذي الحجة، وهذا المكان بين مكة والمدينة، وفيه غدير ماء ويقال: إنه غيضة هناك، ولما رجع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من مكة شرفها الله تعالى عام حجة الوداع ووصل إلى هذا المكان وآخى علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: "علي مني كهارون من موسى، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله"). وللشيعة به تعلق كبير. وقال الحازمي: "وهو واد بين مكة والمدينة عند الجحفة [به] غدير عنده خطب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذا الوادي موصوف بكثرة الوخامة وشدة الحر". 11 . قال تميم بن المعز صاحب الديار المصرية المتوفى 374 من قصيدة له ذكرها الباخرزي في دمية القصر: تروح علينا بأحداقها حسان حكتهن من نشر هنه نواعم لا يستطعن النهوض إذا قمن من ثقل أردافهنه حسن كحسن ليالي الغدير وجئن ببهجة أيامهنه 12. إن وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في غدير خم للإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) سبقتها وصايا في التاريخ والكتب السماوية.. أي إن الأنبياء ينصّون على وصي لأنفسهم وصيّ آدم كان "هبة اللّه"، وهو "شيث" بالعبرانية. وأنّ وصيّ إبراهيم كان "إسماعيل" (ع). وأنّ وصيّ يعقوب كان "يوسف" (ع). وأنّ وصيّ موسى كان "يوشع بن نون بن افرائيم بن يوسف" (ع)، و خرجت عليه صفوراً زوجة موسى (ع). وأنّ وصيّ عيسى كان "شمعون" (ع). 13. والذين ذكروا وحدثوا بحديث الغديرالذي هو وصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حسب مايذكرهم التاريخ هم من الأصحاب (110) صحابياً ومن التابعين (84) تابعياً، وأما رواة هذا الحديث من العلماء والمحَدِّثين فيبلغ عددهم (370) راوياً .14. قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ" .. 15. وقال عزوجل: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا" .. 16. لو نطلع على كتب التاريخ سنلاحظ بعض الإجرائات الربانية والتنفيذ لقائد الرسالة قبل رحيله.. فمتى نزلت آية التليغ .. ومتى نزلت آية الإكمال؟ وماهو الإجراء والتنفيذ الذي نفذه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بين الآيتين؟.. وكل قارىء عندما يتلوا الآية (يا أيها الرسول) حتى إذا كان غير فاهم أو متعلم للغة العربية سيشعر بشدة اللهجة والأمر من رب العالمين لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في آية التبليغ ... فأي تبليغ هذا؟ وعن أي شيء تتحدث الآية الكريمة؟! ويستفاد من الآية ماقام به الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من تنفيذ حيث كان يوم غدير خم في اجتماع حاشد يضم ما يربو على مائة ألف من المسلمين وذلك بعد رجوعه من أداء مناسك الحج في آخر سنة من حياته المباركة. وكان ملخص التبليغ هو تعيين المسار القيادي للأمة الإسلامية دينياً وسياسياً. وذلك بتنصيب أمير المؤمنين علي ين أبي طالب (عليه السلام) ولي وقائد للأمة بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).. وبعد أن بلَّغ النبي الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر الله تعالى في استمرارية القيادة المنصوبة والمنصوص عليها من قبل الله. ونزلت بعد ذلك آية الإكمال قول الله عز وجل على لسان رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) . فحديث الغدير يحمل دلالة واضحة وصريحة على إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السَّلام) باعتباره المرشح الوحيد لتسلّم زمام الأمة بعد النبي (صلَّى الله عليه وآله)، وكونه الولي الشرعي المنصوب من قبل رب العالمين بواسطة سيد الأنبياء والمرسلين (صلَّى الله عليه وآله) . ويقول احمد بن حنبل عن البراء بن عازب قال: "كنا مع رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم) في سفر فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا الصلاة جامعة، وكُسح لرسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم) تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي (عليه السلام) فقال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى . قال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا بلى . فاخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه. فلقيه عمر بعد ذلك فقال له: هنيئاً يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة" 17. وعن أبي هريرة يقول الخطيب البغدادي أبو بكر أحمد بن علي.. قال: "من صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهراً، وهو يوم غدير خم لمّا اخذ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) بيد علي بن أبي طالب (عليه السَّلام) فقال: ألست أولى بالمؤمنين ؟ قالوا: بلى يا رسول الله . قال: من كنت مولاه فعلي مولاه . فقال عمر بن الخطاب: بخٍ بخٍ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي و مولى كل مسلم".. 18.. لاتخذنا يوم نزولها عيداً 19 .. أعمال عيد الغدير ... 20. من المستحبات المؤكد هان تعمل بالنقاط التالية: الأوّل: الصوم وهو كفّارة ذنوبُ ستّين سنة، وقد روي انّ صيامه يعدل صيام الدّهر ويعدل مائة حجّة وعمرة. الثّاني: الغُسل . الثّالث: زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) وينبغي أن يجتهد المرء أينما كان فيحضر عند قبر أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقد حكيت له (عليه السلام) زيارات ثلاث في هذا اليوم، أولاها زيارة امين الله المعروفة، ويزاربها في القرب والبُعد، وهي من الزّيارات الجامعة المطلقة ايضاً، وستأتي في باب الزّيارات إن شاء الله تعالى . الرّابع: أن يتعوّذ بما رواه السّيد في الإقبال عن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم). الخامس: أن يصلّي ركعتين ثمّ يسجد ويشكر الله عزوجل مائة مرّة ثمّ يرفع رأسه من السّجود ويقول: "اَللّـهُمَّ اِنِّى اَسْاَلُكَ بِاَنَّ لَكَ الْحَمْدَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ، وَاَنَّكَ واحِدٌ اَحَدٌ صَمَدٌ لَمْ تَلِدْ وَلَمْ تُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَكَ كُفُواً اَحَدٌ، وَاَنَّ مُحَمّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، يا مَنْ هُوَ كُلَّ يَوْم فى شَأن كَما كانَ مِنْ شَأنِكَ اَنْ تَفَضَّلْتَ عَلَىَّ بِاَنْ جَعَلْتَنى مِنْ اَهْلِ اِجابَتِكَ، وَاَهْلِ دِينِكَ، وَاَهْلِ دَعْوَتِكَ، وَوَفَّقْتَنى لِذلِكَ فى مُبْتَدَءِ خَلْقى تَفَضُّلاً مِنْكَ وَكَرَماً وَجُوداً، ثُمَّ اَرْدَفْتَ الْفَضْلَ فَضْلاً، وَالْجُودَ جُوداً، وَالْكَرَمَ كَرَماً رَأفَةً مِنْكَ وَرَحْمَةً اِلى اَنْ جَدَّدْتُ ذلِكَ الْعَهْدَ لى تَجْدِيداً بَعْدَ تَجدِيدِكَ خَلْقى، وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً ناسِياً ساهِياً غافِلاً، فَاَتْمَمْتَ نِعْمَتَكَ بِاَنْ ذَكَّرْتَنى ذلِكَ وَمَنَنْتَ بِهِ عَلَىَّ، وَهَدَيْتَنى لَهُ، فَليَكُنْ مِنْ شَأنِكَ يا اِلهى وَسَيِّدى وَمَولاىَ اَنْ تُتِمَّ لى ذلِكَ وَلا تَسْلُبْنيهِ حَتّى تَتَوَفّانى عَلى ذلِكَ وَاَنتَ عَنّى راض، فَاِنَّكَ اَحَقُّ المُنعِمِينَ اَنْ تُتِمَّ نِعمَتَكَ عَلَىَّ، اَللّـهُمَّ سَمِعْنا وَاَطَعْنا وَاَجَبْنا داعِيَكَ بِمَنِّكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ غُفْرانَكَ رَبَّنا وَاِلَيكَ المَصيرُ، آمَنّا بِاللهِ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَبِرَسُولِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَصَدَّقْنا وَاَجبْنا داعِىَ اللهِ، وَاتَّبَعْنا الرَّسوُلَ فى مُوالاةِ مَوْلانا وَمَوْلَى الْمُؤْمِنينَ اَميرَ المُؤْمِنينَ عَلِىِّ بْنِ اَبيطالِب عَبْدِاللهِ وَاَخى رَسوُلِهِ وَالصِّدّيقِ الاكْبَرِ، وَالحُجَّةِ عَلى بَرِيَّتِهِ، المُؤَيِّدِ بِهِ نَبِيَّهُ وَدينَهُ الْحَقَّ الْمُبينَ، عَلَماً لِدينِ اللهِ، وَخازِناً لِعِلْمِهِ، وَعَيْبَةَ غَيْبِ اللهِ، وَمَوْضِعَ سِرِّ اللهِ، وَاَمينَ اللهِ عَلى خَلْقِهِ، وَشاهِدَهُ فى بَرِيَّتِهِ، اَللّـهُمَّ رَبَّنا اِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادى لِلايمانِ اَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الابْرارِ، رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ اِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْميعادَ فَاِنّا يا رَبَّنا بِمَنِّكَ وَلُطْفِكَ اَجَبنا داعيكَ، وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ، وَصَدَّقْناهُ وَصَدَّقْنا مَوْلَى الْمُؤْمِنينَ، وَكَفَرْنا بِالجِبْتِ وَالطّاغُوتِ، فَوَلِّنا ما تَوَلَّيْنا، وَاحْشُرْنا مَعَ اَئِمَّتَنا فَاِنّا بِهِمْ مُؤْمِنُونَ مُوقِنُونَ، وَلَهُمْ مُسَلِّمُونَ آمَنّا بِسِرِّهِمْ وَعَلانِيَتِهِمْ وَشاهِدِهِمْ وَغائِبِهِمْ وَحَيِّهِمْ وَمَيِّتِهِمْ، وَرَضينا بِهِمْ اَئِمَّةً وَقادَةً وَسادَةً، وَحَسْبُنا بِهِمْ بَيْنَنا وَبَيْنَ اللهِ دُونَ خَلْقِهِ لا نَبْتَغى بِهِمْ بَدَلاً، وَلا نَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِمْ وَليجَةً، وَبَرِئْنا اِلَى اِلله مِنْ كُلِّ مَنْ نَصَبَ لَهُمْ حَرْباً مِنَ الْجِنِّ وَالاِنْسِ مِنَ الاَوَّلينَ وَالاخِرِينَ، وَكَفَرْنا بِالْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ وَالاوثانِ الارْبَعَةِ وَاَشْياعِهِمْ وَاَتْباعِهِمْ، وَكُلِّ مَنْ والاهُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالاْنْسِ مِنْ اَوَّلِ الدَّهرِ اِلى آخِرِهِ، اَللّـهُمَّ اِنّا نُشْهِدُكَ اَنّا نَدينُ بِما دانَ بِهِ مُحَمَّدٌ وَآلَ مُحَمَّد صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، وَقَوْلُنا ما قالُوا وَدينُنا ما دانُوا بِهِ، ما قالُوا بِهِ قُلْنا، وَما دانُو بِهِ دِنّا، وَما اَنْكَرُوا اَنْكَرْنا، وَمَنْ والَوْا والَيْنا، وَمَنْ عادُوا عادَيْنا، وَمَنْ لَعَنُوا لَعَنّا، وَمَنْ تَبَرَّؤُا مِنهُ تَبَرَّأنا مِنْهُ، وَمَنْ تَرَحَّمُوا عَلَيْهِ تَرَحَّمْنا عَلَيْهِ آمَنّا وَسَلَّمْنا وَرَضينا وَاتَّبَعْنا مَوالينا صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِمْ، اَللّـهُمَّ فَتِمِّمْ لَنا ذلِكَ وَلا تَسْلُبْناُه، وَاجْعَلْهُ مُسْتَقِرّاً ثابِتاً عِنْدَنا، وَلا تَجْعَلْهُ مُسْتَعاراً، وَاَحْيِنا ما اَحْيَيْتَنا عَلَيْهِ، وَاَمِتْنا اِذا اَمَتَّنا عَلَيْهِ آلُ مُحَمَّد اَئِمَّتَنا فَبِهِمْ نَأتَمُّ وَاِيّاهُمْ نُوالى، وَعَدُوَّهُمْ عَدُوَّ اللهِ نُعادى، فَاجْعَلْنا مَعَهُمْ فِى الدُّنْيا وَالاخِرَةِ، وَمِنَ الْمُقَرَّبينَ فَاِنّا بِذلِكَ راضُونَ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ" . ثمّ يسجد ثانياً، ويقول مائة مرّة اَلْحَمْدُ للهِ، (ومائة مرّة) شُكْراً للهِ، وروي أنّ من فعل ذلك كان كمن حضر ذلك اليوم وبايع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على الولاية الخبر، والافضل أن يُصلّي هذه الصّلاة قُرب الزّوال وهي السّاعة التي نصب فيها أمير المؤمنين (عليه السلام) بغدير خم اماماً للنّاس وأن يقرأ في الرّكعة الاُولى منها سورة القدر وفي الثّانية التّوحيد . السّادس: أن يغتسل ويُصلي ركعتين من قبل أن تزول الشّمس بنصف ساعة يقرأ في كلّ ركعة سورة الحمد مرّة وقُلْ هُوَ اللهُ اَحَدٌ عشر مرّات وآية الكرسي عشر مرّات واِنّا اَنزَلْناهُ عشراً، فهذا العمل يعدل عند الله عزوجل مائة ألف حجّة ومائة ألف عُمرة، ويُوجب أن يقضي الله الكريم حوائج دنياه وآخرته في يُسر وعافية، ولا يخفى عليك أنّ السّيد في الإقبال قدّم ذكر سورة القدر على آية الكرسي في هذه الصّلاة، وتابعه العلامة المجلسي في زاد المعاد فقدّم ذكر القدر كما صنعت أنا في سائر كتبي، ولكنّي بعد التتبّع وجدت الأغلب ممّن ذكروا هذه الصّلاة قد قدّموا ذكر آية الكرسي على القدر واحتمال سهو القلم من السّيد نفسه أو من النّاسخين لكتابه في كلا موردي الخلاف وهما عدد الحمد وتقديم القدر بعيد غاية البُعد، كاحتمال كون ما ذكره السّيد عملاً مستقلاً مغايراً للعمل المشهور والله تعالى هو العالم، والأفضل أن يدعو بعد هذه الصّلاة بهذا الدّعاء رَبَّنا اِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً الدّعاء بطوله . السّابع: أن يدعو بدعاء النّدبة . الثّامن: أن يدعو بهذا الدّعاء الذي رواه السّيد ابن طاووس عن الشّيخ المفيد: "اَللّـهُمَّ اِنّى اَسْاَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّد نَبِيِّكَ، وَعَلِىّ وَليُّك وَ الشَأن وَ الْقَدر اَلَّذي خَصَصَتْها بِه دونَ خَلقِكَ اَنْ تُصَلّى عَلى مُحَمَّد وَ علىٍّ وَاَنْ تَبْدَأَ بِهِما فى كُلِّ خَيْر عاجِل، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد الاَْئِمَّةِ الْقادَةِ، وَالدُّعاةِ السّادَةِ، وَالنُّجُومِ الزّاهِرَةِ، وَالاَْعْلامِ الْباهِرَةِ، وَساسَةِ الْعِبادِ، وَاَرْكانِ الْبِلادِ، وَالنّاقَةِ الْمُرْسَلَةِ، وَالسَّفينَةِ النّاجيَةِ الْجارِيَةِ فِى الْلُّجَجِ الْغامِرَةِ، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد خُزّانِ عِلْمِكَ، وَاَرْكانِ تَوْحِيدِكَ، وَدَعآئِمِ دينِكَ، وَمَعادِنِ كَرامَتِكَ وَصِفْوَتِكَ مِنْ بَرِيَّتِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، الاَْتْقِيآءِ الاَْنْقِيآءِ النُّجَبآءِ الاَْبْرارِ، وَالْبابِ الْمُبْتَلى بِهِ النّاسُ، مَنْ اَتاهُ نَجى وَمَنْ اَباهُ هَوى، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد اَهْلِ الذِّكْرِ الَّذينَ اَمَرْتَ بِمَسْأَلَتِهِمْ، وَذَوِى الْقُرْبى الَّذينَ اَمَرْتَ بِمَوَدَّتِهِمْ، وَفَرَضْتَ حَقَّهُمْ، وَجَعَلْتَ الْجَنَّةَ مَعادَ مَنِ اقْتَصَّ آثارَهُمْ، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد كَما اَمرَوُا بِطاعَتِكَ، وَنَهَوْا عَنْ مَعْصِيَتِكَ، وَدَلُّوا عِبادَكَ عَلى وَحْدانِيَّتِكَ، اَللّـهُمَّ اِنّى اَسْاَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّد نَبِيِّكَ وَنَجيبِكَ وَصَفْوَتِكَ وَاَمينِكَ وَرَسُولِكَ اِلى خَلْقِكَ، وَبِحَقِّ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ، وَيَعْسُوبِ الدّينِ، وَقائِدِ الْغُرِّ الُْمحَجَّلينَ، الْوَصِىِّ الْوَفِىِّ، وَالصِّدّيقِ الاَْكْبَرِ، وَالْفارُوقِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْباطِلِ، وَالشّاهِدِ لَكَ، وَالدّالِّ عَلَيْكَ، وَالصّادِعِ بِاَمْرِكَ، وَالُْمجاهِدِ فى سَبيلِكَ، لَمْ تَأخُذْهُ فيكَ لَوْمَةُ لائِمِ، اَنْ تُصَلِّىَ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاَنْ تَجْعَلَنى فى هذَا الْيَوْمِ الَّذى عَقَدْتَ فيهِ لِوَلِيِّكَ الْعَهْدَ فى اَعْناقِ خَلْقِكَ، وَاَكْمَلْتَ لَهُمُ الّدينَ مِنَ الْعارِفينَ بِحُرْمَتِهِ، وَالْمُقِرّينَ بِفَضْلِهِ مِنْ عُتَقآئِكَ وَطُلَقائِكَ مِنَ النّارِ، وَلا تُشْمِتْ بى حاسِدىِ النِّعَمِ، اَللّـهُمَّ فَكَما جَعَلْتَهُ عيدَكَ الاَْكْبَرَ، وَسَمَّيْتَهُ فِى السَّمآءِ يَوْمَ الْعَهْدِ الْمَعْهُودِ، وَفِى الاَْرْضِ يَوْمَ الْميثاقِ الْمَاْخُوذِ وَالجَمْعِ المَسْؤولِ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاَقْرِرْ بِهِ عُيُونَنا، وَاجْمَعْ بِهِ شَمْلَنا، وَلا تُضِلَّنا بَعْدَ اِذْ هَدَيْتَنا، وَاجْعَلْنا لاَِنْعُمِكَ مِنَ الشّاكِرينَ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، الْحَمْدُ للهِ الَّذى عَرَّفَنا فَضْلَ هذَا الْيَوْمِ، وَبَصَّرَنا حُرْمَتَهُ، وَكَرَّمَنا بِهِ، وَشَرَّفَنا بِمَعْرِفَتِهِ، وَهَدانا بِنُورِهِ، يا رَسُولَ اللهِ يا اَميرِ الْمُؤْمِنينَ عَلَيْكُما وَعَلى عِتْرَتِكُما وَعَلى مُحِبِّيكُما مِنّى اَفْضَلُ السَّلامِ ما بَقِىَ اللّيْلُ وَالنَّهارُ، وَبِكُما اَتَوَجَّهُ اِلىَ اللهِ رَبّى وَرَبِّكُما فى نَجاحِ طَلِبَتى، وَقَضآءِ حَوآئِجى، وَتَيْسيرِ اُمُورى، اَللّـهُمَّ اِنّى اَسْاَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد اَنْ تُصَلِّىَ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاَنْ تَلْعَنَ مَنْ جَحَدَ حَقَّ هذَا الْيَوْمِ، وَاَنْكَرَ حُرْمَتَهُ فَصَدَّ عَنْ سَبيلِكَ لاِطْفآءِ نُورِكَ، فَاَبَى اللهُ اِلاّ اَنْ يُتِمَّ نُورَهُ، اَللّـهُمَّ فَرِّجْ عَنْ اَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّد نَبِيِّكَ، وَاكْشِفْ عَنْهُمْ وَبِهِمْ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ الْكُرُباتِ، اَللّـهُمَّ امْلاِِ الاَْرْضَ بِهِمْ عَدْلاً كَما مُلِئَتْ ظُلْماً وَجُوْراً، وَاَنْجِز لَهُمْ ما وَعَدْتَهُمْ اِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْميعادَ" . وليقرأ إن أمكنته الادعية المبسوطة التي رواها السّيد في الإقبال . التّاسع: أن يهنّىء من لاقاهُ من اخوانه المؤمنين بقوله : اَلْحَمْدُ للهِ الّذى جَعَلَنا مِنَ الْمُتَمَسِّكينَ بِوِلايَةِ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ وَالاَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ ويقول أيضاً : اَلْحَمْدُ للهِ الَّذى اَكْرَمَنا بِهذَا الْيَوْمِ وَجَعَلَنا مِنَ الْمُوفنَ، بِعَهْدِهِ اِلَيْنا وَميثاقِهِ الّذى واثَقَنا بِهِ مِنْ وِلايَةِ وُلاةِ اَمْرِهِ وَالْقَوّامِ بِقِسْطِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْنا مِنَ الْجاحِدينَ وَالْمُكَذِّبينَ بِيَوْمِ الدِّينَ . العاشر: أن يقول مائة مرّة: اَلْحَمْدُ للهِ الّذى جَعَلَ كَمالَ دينِهِ وَتَمامَ نِعْمَتِهِ بِوِلايَةِ اَميرِ الْمُؤمِنينَ عَلىِّ بْنِ اَبى طالِب عَلَيْهِ السَّلامُ . واعلم انّه قد ورد في هذا اليوم فضيلة عظيمة لكلّ من أعمال تحسين الثّياب، والتزيّن، واستعمال الطّيب، والسّرور، والابتهاج، وإفراح شيعة أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامُهُ عليه)، والعفو عنهم، وقضاء حوائجهم، وصلة الأرحام، والتّوسّع على العيال، واطعام المؤمنين، وتفطير الصّائمين، ومصافحة المؤمنين، وزيارتهم، والتّبسّم في وجوههم، وارسال الهدايا اليهم، وشكر الله تعالى على نعمته العظمى نعمة الولاية، والاكثار من الصّلاة على محمّد وآل محمّد (عليهم السلام)، ومن العبادة والطّاعة، ودرهم يعطى فيه المؤمن أخاه يعدل مائة ألف درهم في غيره من الايّام، واطعام المؤمن فيه كأطعام جميع الانبياء والصّديقين.. ------------------------------------------- المصادر 1. شعر بولس سلامة. وهو مسيحي الديانه مؤلف كتاب عيد الغدير . 2. حديث أخرجه الحافظ الخركوشي ص 274. 3. بديع المعاني ص 75. 4. المواهب اللدنية ج2 /13.. 5. الآثار الباقية في القرون الخالية : 334. 6. مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي : 53 و 56. 7. راجع شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد 2| 377 . وياقوت الحموي في معجم الأدباء 5 | 266 . وأبو الحجاج يوسف بن محمد المالكي في كتابه ألف باء 1 : 39 ، وأبو الحسين الحافظ زيد بن الحسن الكندي في كتابه المجتنى : 39 ، 8. عيد الغدير في الإسلام - الشيخ الأميني 14 و15. 9. وفيات الأعلام 1 : 180 رقم 74 . 10. ترجمة المستنصر بالله العبيدي 2 : 223 . 11. وفيات الأعلام 5 : 230 - 231 رقم 728 . 12. دمية القصر وعصرة أهل العصر 1 : 113 . 13. راجع تاریخ اليعقوبي، المجلد 1، الصفحة 11 وتاریخ الطبري، طبعة أوروبا، المجلد 1، الصفحات 153 – 165 و 166 وتاریخ ابن الأثیر، المجلد 1، الصفحة 19 و20 و40 و48 – تاریخ ابن الكثير، المجلد 1، الصفحة 98 وفي القرآن الكريم، عُرّب يوشع بـ (اليسع) في سورة الانعام، الآية : 86، والسورة ص، الآية : 48. وكان هارون (عليه السلام) أخاً لموسى (عليه السلام) ومنذ بداية دعوته معه ووزيره. عندما خرج موسى (عليه السلام) لمناجاة ربه في جبل طور، عيّنه وصياً له. ولكن تخلّف بني إسرائيل عن أمره وفي غيبة موسى (عليه السلام) أقدموا على عبادة العجل. بقى هارون (عليه السلام) على التوحيد، وكلّما حاول منعهم عن عملهم القبيح ولكن دون جدوى وقد هددوه بالقتل. لقد ذُكر اسمه في عشرين موقعاً في القرآن الكريم. يذكر القرآن الكريم في آيات متعددة مقاطع مختلفة عن حياة هارون (عليه السلام) و قضايا عبادة بني إسرائيل للعجل وعظّم هارون (عليه السلام) مع موسى. كمثال، قي الآية 120 من سورة الصافات، يرسل القرآن سلامه عليه. بما أن هارون (عليه السلام) كان خليفة لموسى (عليه السلام) في حياته، ولكنه فارق الحياة في زمان حياة موسى (عليه السلام)، فلذا بأمرٍ من الله نصب موسى (عليه السلام) يوشع (عليه السلام) وصياً له. 14. لمعرفة أسماء رواة حديث الغدير يراجع: الغدير في الكتاب والسنة والأدب، لمؤلفه القدير العلامة الشيخ عبد الحسين الأميني (قدَّس الله سره)، المتوفى سنة: 1390هجرية . 15. المائدة | 67 . 16. سورة المائدة|3. 17. مسند احمد بن حنبل : 4/ 281 . 18. تاريخ بغداد : 8/ 290 . 19. أخرجه الأئمة الخمسة: مسلم ومالك والبخاري والترمذي والنسائي كما في تيسير الوصول 1 ص 122، ورواه الطحاوي في مشكل الآثار 3 ص 196، والطبري في تفسيره 6 ص 46، وابن كثير في تفسيره 2 ص 13 عن أحمد والبخاري . ورواه جمع آخر . 20.مفاتيح الجنان الشيخ عباس القمي .
قصة عيد الغدير
لمّا قضى رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) نُسُكَه في حجة الوداع، أشرك علياً (عليه السلام) في هَدْيه ، وقَفَل إلى المدينة وهو معه والمسلمون ، حتّى انتهى إلى الموضع المعروف بغَدير خُمّ ،وليس بموضع إذ ذاك للنزول لعدم الماء فيه والمرعى ، فنَزَل (صلى الله عليه وآله) في الموضع ونَزَل المسلمون معه .
وكان سببُ نزوله في هذا المكان نزولَ القرآن عليه بنَصْبه أميرَ المؤمنين (عليه السلام) خليفةً في الاُمّة من بعده ، وقد كان تَقَدَّم الوحيُ إليه في ذلك من غيرتوقيتٍ له فأخَّرَه لحضُور وقتٍ يَأْمَنُ فيه الاختلافُ منهم عليه ، وعَلِمَ اللهُ سبحانه أنّه إن تجاوز غديرَ خُمّ انفصل عنه كثيرٌ من الناس إلى بلادهم وأماكنهم وبواديهم ، فأراد اللهُ تعالى أن يَجْمعَهم لسِماع النصّ على أمير المؤمنين (عليه السلام) تأكيداً للحُجّة عليهم فيه . فأنْزَل جلّت عظمته عليه : (يَا اَيُّهَا الرَّسولُ بَلِّغْ مَا اُنْزِلَ اليْكَ مِنْ رَبِّكَ) يعني في استخلاف عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام) والنصّ بالإمامة عليه (وَاِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ) فأكَّد به الفرضَ عليه بذلك ، وخوَّفَه من تأخيرالأمرِ فيه ، وضمِنَ له العِصمةَ ومَنْعَ الناس منه .
فنزل رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) المكانَ الذي ذكرناه ، لما وَصَفناه من الأمر له بذلك وشرحناه ، وَنَزَلَ المسلمون حوله ، وكان يوماً قائظاً شديد الحَرّ، فأمر (عليه السلام) بدَوْحاتٍ هناك فقُمَّ ما تحتها ، وأمر بجمع الرِحال في ذلك المكان ، ووَضْعِ بعضها على بعض ، ثمَّ أمَرَ مناديه فنادى في الناس بالصلاة . فاجتمعوا من رِحالهم إليه ، وإنَّ أكثرَهم ليلُفُّ رداءه على قدمَيْه من شدّة الرَمْضاء. فلمّا اجتمعوا صَعِدَ عليه واله السلام على تلك الرِحال حتى صار في ذِرْوَتها ، ودَعا أميرَ المؤمنين (عليه السلام) فرَقى معه حتّى قام عن يمينه ، ثمَّ خَطَبَ للناس فحَمَد الله وأثنى عليه ، ووَعَظَ فابلغ في الموعظة، ونَعى إلى الأُمّة نفسَه ، فقال عليه واله السلام : «إني قد دُعِيْت ويُوشِك أن أُجِيب ، وقد حان مني خفوفٌ من بين أظْهُركم ، وإنّي مُخلِّفٌ فيكم ما إن تَمَسّكتم به لن تَضِلّوا أبداً: كتاب الله وعترتي أهلَ بيتي ، وإنَّهما لن يَفْتَرِقا حتّى يَرِدا عَليَّ الحوضَ» .
ثمّ نادى بأعلى صوته : «ألَسْتُ أولى بكم منكم بأنفسكم ؟» فقالوا : اللهم بلى، فقال لهم على النَسَق ، وقد أخذ بضَبْعَيْ أميرِالمؤمنين (عليه السلام) فرَفَعَهما حتّى رُئيَ بياضُ إِبْطَيْهما وقال : «فَمَنْ كُنتُ مَوْلاه فهذا عليٌّ مَوْلاه ، اللهم والِ من والاه ، وعادِ من عَاداه ، وانْصر من نَصَره ، واخْذُل من خَذَله» .
ثمَّ نَزَل (صلى الله عليه وآله) - وكان وقت الظَهيرة - فصَلّى ركعتين ، ثمّ زالتِ الشمس فأَذَّن مُؤَذنُه لصلاة الفَرْض فصَلّى بهم الظهر، وجَلَس (صلى الله عليه وآله) في خَيمته ، وأمَرعلياً أن يَجْلِس في خَيمةٍ له بازائه ، ثُمّ أمَرَ المسلمين أن يَدْخُلوا عليه فَوْجاً فَوْجاً فَيُهَنَؤوه بالمَقام ، ويُسلِّموا عليه بإمْرَة المؤمنين ، ففعل الناسُ ذلك كلُّهم ، ثمّ أمَرَ أزواجَه وجميعَ نِساء المؤمنين معه أن يَدْخُلن عليه ، ويُسَلِّمن عليه بإمْرَة المؤمنين ففَعلنَ .
وكان ممّن أطْنَبَ في تَهنئته بالمَقام عُمَر بن الخَطّاب فأظْهَر له المسَرّة به وقال فيما قال : بَخٍ بَخٍ يا عليّ ، أصبحتَ مَولاي ومَولى كلِّ مُؤمنٍ ومُؤمنةٍ .
وجاء حَسّان إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له : يا رسولَ اللهِ ، إئْذَن لي أن أقول في هذا المقام ما يَرضاه الله؟ فقال له : «قل يا حَسّان على اسم الله» فوَقَف على نَشَزٍ من الأرض ، وتَطاول المسلمون لسماع كلامه ، فأنشأ يقول :
يُناديهمُ يومَ الغَديرِ نَبيُّهُمْ * بخُمٍّ وأسمِعْ بالرسولِ مُنادِيا
وقالَ : فمَنْ مَولاكم ووَلِيّكم ؟ * فقالوُا ولم يَبدُوا هُناك التعادِيا
إلهًك مَوْلانا وأنْتَ وَليّنا * ولَنْ تَجِدن مِنّا لكَ اليومَ عاصِيا
فقال له : قُمْ يا عليّ فإِنّني * رَضيتُك مِنْ بَعدي إِماماًوهادِيا
فَمَنْ كُنْتُ مَولاه فَهذا وَلِيُّه * فُكُونُوا لَهُ أنصارَصِدْقٍ موالِيا
هُناكَ دَعا: اللهُمَّ والِ وَلِيَّه * وَكُنْ لِلّذي عادى عَلِيّاً مُعادِيا
فقال له رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) : «لا تَزال - يا حَسّان - مُؤيّداً بروحِ القدُسُ ما نَصَرْتَنا بلِسانك».
وإنّما اشترط رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) في الدعاء له ، لعلمه بعاقبة أمره في الخِلاف ، ولو عَلِمَ سلامته في مستقبل الأحوال لدعا له على الأطلاق ، ومثلُ ذلك ما اشترط اللهُ تعالى في مدح أزواج النبي (عليه السلام) ، ولم يَمْدَحْهُنَّ بغير اشتراط ، لعلمه أنَّ منهنّ من يتغيّر بعد الحال عن الصلاح الذي يُستَحَقّ عليه المدحُ والإكرامُ ، فقال عزّ قائلاً : (يَا نِسَاءَ ألنّبِيّ لَسْتُنَّ كَأحَدٍ مِنَ ألنِسَاءِ إن اتَّقَيْتُنَ) ولم يَجْعَلهن في ذلك حسبَ ما جَعَلَ أهلَ بيت النبي (صلى الله عليه وآله) في محلّ الأكرام والمِدْحَة ، حيث بَذَلوا قوتهم للمسكين واليتيم والأسير، فأنزل اللهُ سبحانه وتعالى في عليّ بن أبي طالب وفاطمةَ والحسنِ والحسين (عليهم السلام) وقد آثَروا على أنفسهم مع الخَصاصة التي كانت بهم ، فقال جلّ قائلاً: (وَيُطْعِمونَ الطَعَامَ عَلى حُبّهِ مِسْكيناً وَيَتيماً وَاَسيراً * اِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُريدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكورأَ * اِنّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبوساً قَمْطَريراً * فَوَقاهًمُ الله شَرَ ذَلِكَ أليَوْم وَلَقّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً * وَجَزَاهُمْ بِمَا َصبروا جنّة وَحَريراً) فقَطَعَ لهم بالجزاء، ولم يَشْتَرِط لهم كما اشتَرط لغيرهم ، لعلمه باختلاف الأحوال على ما بيّناه .
فكان في حَجّة الوداع من فضل أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي اختصّ به ما شَرَحناه ، وانفرد فيه من المنقبة الجليلة بما ذكرناه ، فكان شريكَ رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حجّه وهَدْيه ومناسكه ، ووَفَّقه اللهُ تعالى لمساواة نبيه عليه وآله السلام في نيّته ، ووِفاقه في عبادته ، وظَهَرمن مكانه عنده (صلى الله عليه وآله) وجليلِ محلّه عند الله سبحانه ما نوَّه به في مِدْحَته ، فأوْجَبَ به فَرْضَ طاعته على الخلائق واختصاصه بخلافته ، والتصريح منه بالدعوة إلى اتباعه والنهي عن مخالفته ، والدعاء لمن اقتدى به في الدين وقام بنصرته ، والدعاء على من خالفه ، واللعن لمن بارَزه بعداوته . وكَشَفَ بذلك عن كونه أفضلَ خلق الله تعالى وأجلَّ بريّته ، وهذا ممّا لم يَشْرَكه - أيضاً - فيه أحدٌ من الأُمّة، ولا تعرض منه بفضل يُقاربه على شبهةٍ لمن ظنّه ، أو بصيرة لمن عرَف المعنى في حقيقته ، والله المحمود .
ثمّ كان ممّا أَكَّدَ له الفضلَ وتخصّصه منه بجليل رتبته ، ما تَلا حجّةَ الوداع من الأُمور المُتَجدِّدة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) والأحداثِ التي اتّفقت (بقضاء الله وقدره ).
وذلك أنه عليه واله السلام تَحَقَّق من دُنُوّ أجله ما كان (قَدَّم الذِكرَ) به لأمتّه ، فَجَعَل (عليه السلام) يَقوم مَقاماً بعد مَقام في المسلمين يُحذِّرُهم من الفتنةِ بعده والخلافِ عليه ، ويُؤكِّد وَصاتَهم بالتمسك بسنته والاجتماع عليها والوفاق ، ويحُثُّهم على الاقتداء بعِترته والطاعة لهم والنصرة والحِراسة ، والاعتصام بهم في الدين ، ويَزْجُرهم عن الخلاف والارتداد . فكان فيما ذكره من ذلك عليه وآله السلام ما جاءت به الرواة على اتفاق واجتماع من قوله (عليه السلام) :
«أيّها الناس ، إنّي فَرَطُكم وأنتم واردون عليَّ الحوض ، ألا وانّي سائلُكم عن الثقلين ، فانظُروا كيف تَخْلُفوني فيهما، فإنّ اللطيفَ الخبيرَ نبّأني أنّهما لن يفترقا حتى يَلْقَياني ، وسألتُ ربّي ذلك فأعطانيه ، ألا وإِنّي قد تَرَكتُهما فيكم : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فَلا تَسبقوهم فتفرّقوا ، ولا تُقَصِّروا عنهم فتَهْلِكوا ، ولا تعَلِّموهم فإنّهم أعلم منكمَ .
أيّها الناس ، لا ألفِينّكم بعدي تَرجِعون كُفّاراً يَضرب بعضُكم رقابَ بعض ، فتَلقَوْني في كَتيبةٍ كمَجَرّ السيل الجرّار (ألا وان عليّ بن أبي طالب أخي ) ووصيّي ، يُقاتل بعدي على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيِله».
فكان عليه وآله السلام يَقوم مجلساً بعد مجلس بمثل هذا الكلام ونحوه .
هذه القصة نقلا عما ورد في كتاب الارشاد .
تقبلو مني
تقبلو مني