الشاعر مالك ا Admin
عدد المساهمات : 676 العمر : 37 العمل/الترفيه : طالب جامعي المزاج : نايس جنسيتك : العراق اعلام الدول : الأوسمه : عارض الطاقه : الدنانير : 1028 التقييم والشكر : 21 تاريخ التسجيل : 18/09/2008
| موضوع: عسكرة القصيدة الشعبية الثلاثاء أبريل 12, 2011 9:37 pm | |
| عسكرة القصيدة الشعبية
لم تمض سوى اربعة او خمسة اشهر على نهاية المهرجان الاول الذي رعاه صدام واغدق عليه بالعطايا، لتبدأ بعدها الحرب مع ايران. صارت بيانات الحرب تطل من شاشة التلفزيون "الاوحد" مبشرة بانتصارات وانتصارات. ننتصر والتوابيت تطرق بيوت الفقراء. وبين كل حزمة من تلك البيانات وأخرى، يصدر نداء للشعراء الشعبيين ان يتجمعوا عند ما كان يسمى بدار الثقافة الجماهيرية. ومع ازدياد النداءات ازداد عدد الشعراء الذين صاروا يتدفقون اكثر من تدفق الماء من الحنفيات.
وبسبب كثرتهم قل معدل رزقهم. لكن عدد النداءات يعوض بعضا من الخسارة. فان كان ما يحصل عليه الشاعر في اسبوع يساوي الفي دينار قد يسعفه الحظ بندائين او ثلاثة ليرتفع الرزق الى خمسة او ستة آلاف. صار الرزق (مشحط) كما كانوا يقولون، لكن "كل ما يجي من "القائد" انعم الله".
ولأن الحاجة ام الاختراع، انشغل الشعراء، لا بالشعر، بل بالوسائل التي تعود عليهم بدنانير أكثر. صار الشعار ان "الرجال اليعبي بالسكلة ركي". وفجأة فكر الشعراء ان يشكلوا "كَروبات" حسب الجنس او الوظيفة او "الاختصاص". فالنساء مثلا قررن التوجه صوب اتحاد النساء لاقامة مهرجانات نسوية تخص "الماجدات" تمنع بها مشاركة الذكور. والعسكريون قرروا ان يجتمعوا سرا ليقيموا مهرجانات خاصة بهم لانهم "الأحق" بمكارم سيدهم. وكذلك فعل الشعراء العمال والمعلمون والكناسون وجنود امانة العاصمة. اما "الاختصاصيون" فهؤلاء من الصنف الذي شخصهم المثل البغدادي القائل: "ياكل وسطه وينام طرفاني. هؤلاء شكلوا ما يشبه جمعية سرية ضمت رهطا من الحرامية و "الفرارية" وارباب السوابق شكلت، فيما بعد، النواة التأسيسية لما نسميهم اليوم بالـ "حواسم".
كان حظ العسكريين اوفر من غيرهم، بسبب ظروف الحرب التي تمنح العسكري ما لا يمنح لغيره. لذا نجحوا وبسهولة باقامة اول مهرجان عسكري للشعر الشعبي حضره صدام ايضا.
كان بيننا شعراء لم نكن نعرف انهم عرفاء ونواب ضباط وشرطة. لكن الحاجة اللعينة اجبرت حتى من كان شرطيا متخفيا ان يلبس "خيوطه" ان كانت عنده "خيوط" ليقف على المنصة مؤديا التحية "للقائد" مناديا: "سيدي اني الشرطي فلان الفلاني، اهديك قصيدتي".
وكما تتوقعون تقدموا بقصائدهم حسب رتبهم من الاعلى الى الاسفل. كان بينهم ثلاثة نقباء، اثنان من سلك الشرطة والثالث من الجيش مع مجموعة من نواب الضباط ورؤساء عرفاء الوحدات والعرفاء ونواب العرفاء يصعب علي تذكر عددهم. رتبت الاسماء حسب الرتب لا حسب القيمة الشعرية، فانتهى المهرجان بقصيدة لجندي اول.
كنا، نحن معاشر الشعراء الشعبيين، قبل عسكرة القصيدة، نفصل فصلا قاسيا بين "البسطال" والشعر. لكن المهرجان العسكري كشف لنا ان تهمة "التخلف" و "الامية" التي كان يلصقها بنا شعراء الفصحى اهون من تهمة "البسطال"، فتعال وخلصنا من شماتتهم. لم اجد شاعرا حزينا وهو يتابع ذلك المهرجان مثل ناظم السماوي الشاعر الرقيق والخجول. كان يدمدم بصوت اقرب للصمت وكأنه ينعى موت الشعر الشعبي الى الأبد.
انفض المهرجان وغنم العسكريون ما كانوا يحلمون به. ورغم انهم اتفقوا في ما بينهم على ان يبقوا ما حصلوا عليه من "رزق" سرا، لكن الخبر الاكيد الذي تسرب ان من فاز باكبر غنيمة هو نائب ضابط عممت قصيدته على اطفال المدارس كاهم "محفوظة":
ناكل .. لو ما ناكل؟
لا ما ناكل .. خلينا نظل جوعانين
نشرب لو ما نشرب؟
لا ما نشرب خلينا نظل عطشانين
نلبس لو ما نلبس؟
لا ما نلبس خلينا نظل عريانين
ملاحظة مهمة جدا جدا:
• ناكل اينما وردت تلفظ بضم الكاف !
المهم ان صاحبنا استلم 15 الف دينار كانت تعادل حوالي خمسين الف دولار مع قطعة ارض، بينما ظل جزءا كبيرا من الشعب من ذلك اليوم لا يأكل ولا يلبس ولا يشرب ولا.. ولا..
هاشم العقابي
| |
|
كريم العيبي عضو يشتغل زين
عدد المساهمات : 136 الأوسمه : عارض الطاقه : الدنانير : 173 التقييم والشكر : 4 تاريخ التسجيل : 18/09/2008
| موضوع: رد: عسكرة القصيدة الشعبية الأربعاء أبريل 13, 2011 7:39 pm | |
| رائع اخي العزيز مالك البصري موضوع جميل من قبل الكاتب الأستاذ هاشم العقابي وما كان نتمنى من الله ان لايعود تحياتي لك | |
|