قصيدة الشيخ صالح ابن العرندس
طوايا نظامي في الزمان لها نشر * يعطرها من طيب ذكراكم نشر
قصائد ما خابت لهن مقاصد * بواطنها حمد ظواهرها شكر
مطالعها تحكي النجوم طوالعا * فأخلاقها زهر وأنوارها زهر
عرائس تجلي حين تجلي قلوبنا * أكاليلها در وتيجانها تبر
حسان لها حسان بالفضل شاهد * على وجهها تبر يزان بها التبر
أنظمها نظم اللئالي وأسهر الليالي * ليحيى لي بها وبكم ذكر
فيا ساكني أرض الطفوف عليكم * سلام محب ما له عنكم صبر
نشرت دواوين الثنا بعد طيها * وفي كل طرس من مديحي لكم سطر
فطابق شعري فيكم دمع ناظري * فمبيض ذا نظم ومحمر ذا نثر
فلا تتهموني بالسلو فإنما * مواعيد سلواني وحقكم الحشر
فذلي بكم عز وفقري بكم غنى * وعسري بكم يسر وكسري بكم جبر
ترق بروق السحب لي من دياركم * فينهل من دمعي لبارقها القطر
فعيناي كالخنساء تجري دموعها * وقلبي شديد في محبتكم صخر
وقفت على الدار التي كنتم بها * فمغناكم من بعد معناكم فقر
وقد درست منها الدروس وطالما * بها درس العلم الآلهي والذكر
وسالت عليها من دموعي سحائب * إلى أن تروى البان بالدمع والسدر
فراق فراق الروح لي بعد بعدكم * ودار برسم الدار في خاطري الفكر
وقد أقلعت عنها السحاب ولم يجد * ولا در من بعد الحسين لها در
إمام الهدى سبط النبوة والد الأئمة * رب النهي مولى له الأمر
إمام أبوه المرتضى علم الهدى * وصي رسول الله والصنو والصهر
إمام بكته الإنس والجن والسما * ووحش الفلا والطير والبر والبحر
له القبة البيضاء بالطف لم تزل * تطوف بها طوعا ملائكة غر
وفيه رسول الله قال وقوله * صحيح صريح ليس في ذلكم نكر
: حبي بثلاث ما أحاط بمثلها * ولي فمن زيد هناك ومن عمرو؟
له تربة فيها الشفاء وقبة * يجاب بها الداعي إذا مسه الضر
وذرية ذرية منه تسعة * أئمة حق لا ثمان ولا عشر
أيقتل ظمآنا حسين بكربلا * وفي كل عضو من أنامله بحر؟
ووالده الساقي على الحوض في غد * وفاطمة ماء الفرات لها مهر
فوالهف نفسي للحسين وما جنى * عليه غداة الطف في حربه الشمر
رماه بجيش كالظلام قسيه الأهلة * والخرصان أنجمه الزهر
لراياتهم نصب وأسيافهم جزم * وللنقع رفع والرماح لها جر
تجمع فيها من طغاة أمية * عصابة غدر لا يقوم لها عذر
وأرسلها الطاغي يزيد ليملك ال - عراق وما أغنته شام ولا مصر
وشد لهم أزرا سليل زيادها * فحل به من شد أزرهم الوزر
وأمر فيهم نجل سعد لنحسه * فما طال في الري اللعين له عمر
فلما التقى الجمعان في أرض كربلا * تباعد فعل الخير واقترب الشر
فحاطوا به في عشر شهر محرم * وبيض المواضي في الأكف لها شمر
فقام الفتى لما تشاجرت القنا * وصال وقد أودى بمهج ته الحر
وجال بطرف في المجال كأنه * دجى الليل في لألآء غرته الفجر
له أربع للريح فيهن أربع * لقد زانه كرو ما شأنه الفر
ففرق جمع القوم حتى كأنهم * طيور بغاث شت شملهم الصقر
فأذكرهم ليل الهرير فاجمع الكلاب * على الليث الهزبر وقد هروا
هناك فدته الصالحون بأنفس * يضاعف في يوم الحساب لها الأجر
وحادوا عن الكفار طوعا لنصره * وجاد له بالنفس من سعده الحر
ومدوا إليه ذبلا سمهرية * لطول حياة السبط في مدها جزر
فغادره في مارق الحرب مارق * بسهم لنحر السبط من وقعه نحر
فمال عن الطرف الجواد أخو الندى * الجواد قتيلا حوله يصهل المهر
سنان سنان خارق منه في الحشا * وصارم شمر في الوريد له شمر
تجر عليه العاصفات ذيولها * ومن نسج أيدي الصافنات له طمر
فرجت له السبع الطباق وزلزلت * رواسي جبال الأرض والتطم البحر
فيا لك مقتولا بكته السما دما * فمغبر وجه الأرض بالدم محمر
ملابسه في الحرب حمر من الدما * وهن غداة الحشر من سندس خضر
ولهفي لزين العابدين وقد سرى * أسيرا عليلا لا يفك له أسر
وآل رسول الله تسبى نسائهم * ومن حولهن الستر يهتك والخدر
سبايا بأكوار المطايا حواسرا * يلاحظهن العبد في الناس والحر
ورملة في ظل القصور مصونة * يناط على أقراطها الدر والتبر
فويل يزيد من عذاب جهنم * إذا أقبلت في الحشر فاطمة الطهر
ملابسها ثوب من السم أسود * وآخر قان من دم السبط محمر
تنادي وأبصار الأنام شواخص * وفي كل قلب من مهابتها ذعر
وتشكو إلى الله العلي وصوتها * علي ومولانا علي لها ظهر
فلا ينطق الطاغي يزيد بما جنى * وأنى له عذر ومن شأنه الغدر؟
فيؤخذ منه بالقصاص فيحرم النعيم * ويخلى في الجحيم له قصر
ويشدو له الشادي فيطر به الغنا * ويسكب في الكاس النضار له خمر
فذاك الغنا في البعث تصحيفه العنا * وتصحيف ذاك الخمر في قلبه الجمر
أيقرع جهلا ثغر سبط محمد * وصاحب ذاك الثغر يحمى به الثغر؟
فليس لأخذ الثار إلا خليفة * يكون لكسر الدين من عدله جبر
تحف به الأملاك من كل جانب * ويقدمه الاقبال والعز والنصر
عوامله في الدار عين شوارع * وحاجبه عيسى وناظره الخضر
تظلله حقا عمامة جده * إذا ما ملوك الصيد ظللها الجبر
محيط على علم النبوة صدره * فطوبى لعلم ضمه ذلك الصدر
هو ابن الإمام العسكري محمد التقي * النقي الطاهر العلم الحبر
سليل علي الهادي ونجل محمد الجواد ومن في أرض طوس له قبر
علي الرضا وهو ابن موسى الذي قضى * ففاح على بغداد من نشره عطر
وصادق وعد إنه نجل صادق * إمام به في العلم يفتخر الفخر
وبهجة مولانا الإمام محمد * إمام لعلم الأنبياء له بقر
سلالة زين العابدين الذي بكى * فمن دمعه يبس الأعاشيب مخضر
سليل حسين الفاطمي وحي در الوصي * فمن طهر نمى ذلك الطهر
له الحسن المسموم عم فحبذا الإمام * الذي عم الورى جوده الغمر
سمي رسول الله وارث علمه * إمام على آبائه نزل الذكر
هم النور نور الله جل جلاله * هم التين والزيتون والشفع والوتر
مهابط وحي الله خزان علمه * ميامين في أبياتهم نزل الذكر
وأسمائهم مكتوبة فوق عرشه * ومكنونة من قبل أن يخلق الذر
ولولاهم لم يخلق الله آدما * ولا كان زيد في الأنام ولا عمرو
ولا سطحت أرض ولا رفعت سما * ولا طلعت شمس ولا أشرق البدر
ونوح به في الفلك لما دعا نجا * وغيض به طوفانه وقضى الأمر
ولولاهم نار الخليل لما غدت * سلاما وبردا وانطفى ذلك الجمر
ولولاهم يعقوب ما زال حزنه * ولا كان عن أيوب ينكشف الضر
ولان لداود الحديد بسرهم * فقدر في سرد يحير به الفكر
ولما سليمان البساط به سرى * أسيلت له عين يفيض له القطر
وسخرت الريح الرخاء بأمره * فغدوتها شهر وروحتها شهر
وهم سر موسى والعصا عندما عصى * أوامره فرعون والتقف السحر
ولولاهم ما كان عيسى بن مريم * لعازر من طي اللحود له نشر
سرى سرهم في الكائنات وفضلهم * وكل نبي فيه من سرهم سر
علا بهم قدري وفخري بهم غلا * ولولاهم ما كان في الناس لي ذكر
مصابكم يا آل طه! مصيبة * ورزء على الاسلام أحدثه الكفر
سأندبكم يا عدتي عند شدتي * وأبكيكم حزنا إذا أقبل العشر
عرائس فكر الصالح بن عرندس * قبولكم يا آل طه لها مهر
وكيف يحيط الواصفون بمدحكم * وفي مدح آيات الكتاب لكم ذكر؟
ومولدكم بطحاء مكة وا لصفا * وزمزم والبيت المحرم والحجر
جعلتكم يوم المعاد وسيلتي * فطوبى لمن أمسى وأنتم له ذخر
سيبلي الجديدان الجديد وحبكم * جديد بقلبي ليس يخلقه الدهر
عليكم سلام الله ما لاح بارق * وحلت عقود المزن وانتشر القطر